رئيس الديوان لـ"الغد": زيادة فاعلية رقابة ديوان المحاسبة تحتاج منحه الضابطة العدلية

26 تمـــوز 2022

إيمان الفارس – على الرغم من أهمية التعديلات التي أقرها القانون المعدل لديوان المحاسبة مطلع العام الحالي، إلا أن تعزيز الدور الرقابي ورفع تقييم ديوان المحاسبة لا يزالان منوطين بالوصول للاستقلالية التامة، ومنح صفة الضابطة العدلية للديوان، بحسب رئيس الديوان عاصم حداد.
وقال حداد، في مقابلة خاصة مع “الغد”، إن “قانون ديوان المحاسبة لم يصل حتى الآن للدرجة التي نطمح إليها وخاصة الاستقلالية”المطلقة، مشيرا الى أن “ما تم التوصل اليه اليوم جيد، إلا أننا بحاجة لمزيد من التعديلات نأمل أن تؤدي إلى رفع تقييم ديوان المحاسبة أمام الجهات الدولية ذات العلاقة”.
وأضاف: “فيما يحرص ديوان المحاسبة على ممارسة دوره الرقابي المنوط به، إلا أن عدم تمتعه بالاستقلال التام، بالإضافة لعدم منحه صفة الضابطة العدلية، والتي تم المطالبة بها ضمن ضوابط وحدود معينة، يحد من صلاحياته في أداء دوره الرقابي على الوجه المطلوب، وخاصة في بعض حالات التجاوز الواضحة والتطاول على المال العام التي يتم ضبطها.
وأشار إلى أهمية التوافق مع الحكومة على أي تعديلات جديدة مقترحة، والتي تعد ضرورة اليوم لتقوية دور المؤسسة الرقابي ورفع مستوى تقييمه أمام الجهات الدولية، وذلك باعتبارها مصلحة وطنية، وحماية للمال العام، وبما يتوافق مع توجيهات جلالة الملك.
واعتبر حداد أن الاستمرار في إقرار موازنة ديوان المحاسبة، وفق الإجراءات الحالية، ورفد الكادر من مخزون ديوان الخدمة المدنية، لن يحقق الاستقلالية التامة ودعم الديوان بالكفاءات المطلوبة للارتقاء بدوره الرقابي.
ولفت إلى أن الارتقاء بدور ديوان المحاسبة لينسجم ومعايير الرقابة الدولية، يرتبط بتعزيز الشقين التشريعي من جهة، والمضي قدماً في خطة تطوير الديوان التي اعتمدتها إدارة الديوان.
وأوضح أنه فيما يتعلق بالجانب التشريعي، قدم ديوان المحاسبة في وقت سابق مشروع تعديل لقانون الديوان، حيث شمل عدة مطالبات؛ منها حصانة رئيس ديوان المحاسبة، ومنح صفة الضابطة العدلية لديوان المحاسبة تمنح لرئيس الديوان فقط، وبالتالي فإن رئيس الديوان هو الذي يفوض هذه الصلاحية عند الحاجة.
وإلى جانب تلك المطالبات، أن يتمتع ديوان المحاسبة بالاستقلال المالي والإداري التام حتى تتحقق صفة الاستقلالية المطلوبة من الجهات الدولية التي ينتسب إليها الديوان، فضلا عن المطالبة بنظام مستقل لموظفي ديوان المحاسبة ليتم اختيارهم وفق معايير وأسس معينة تلبي حاجة الديوان من الاختصاصات المختلفة وليس من مخزون ديوان الخدمة المدنية، وفق حداد.
وزاد: “طلبنا أن يكون لرئيس ديوان المحاسبة الدور الرئيسي في تنسيب واختيار الأمين العام، لضمان الانسجام المطلوب للقيام بالدور الرقابي”، مضيفا أيضا: “كما طلبنا أن يكون ديوان المحاسبة مسؤولا عن تدقيق المنح والمساعدات والقروض، كما طلبنا أن يقوم الديوان بالتدقيق على الأنظمة والبرامج المحوسبة، بالإضافة لعدة مواد أخرى التي تم إقرارها بموجب القانون المعدل”.
“وطلبنا أن تعدل الصفة الوظيفية لرئيس ديوان المحاسبة بأن يضاف رتبة وزير وإضافة الى راتب وصلاحيات وزير وفق القانون الحالي؛ لتحقيق مبدأ الندية عند التعامل مع الوزراء وفقا لمتطلبات الجهات الدولية، ولا يعني ذلك بالضرورة لقب معالي، سيما وأن اللقب يمنح ويحجب بإرادة ملكية سامية”، وفق حداد.
وتابع رئيس ديوان المحاسبة أنه “تم تقديم مشروع القانون، ومر بجميع مراحله الدستورية وصولا الى مجلس الأمة بشقيه الأعيان والنواب، حيث تم إقرار بعض التعديلات فيما لم يتم إقرار تعديلات أخرى وردت في مشروع القانون.”
ومن ضمن البنود التي تم تعديلها في القانون المعدل؛ منح الحصانة لرئيس ديوان المحاسبة، نظرا لوجود نص دستوري بهذا الخصوص، حيث نصت المادة 119 من الدستور، على أن قانون ديوان المحاسبة ينص على حصانة الرئيس، وذلك إلى جانب الموافقة على رقابة ديوان المحاسبة لجميع المنح والقروض والهبات التي تحصل عليها الحكومة، كما أصبحت الأنظمة والبرامج المحوسبة تخضع لرقابة الديوان.
أما في موضوع الاستقلال المالي والإداري، فتم منحه بموجب القانون المعدل مع الإبقاء على الإجراءات المعتادة في مؤسسات الدولة بإقرار موازنته السنوية.
وفيما يتعلق بمنح الديوان الضابطة العدلية ونظام موظفين مستقل وتعديلات أخرى لم يتم إقرارها، وبالتالي صدر القانون المعدل لقانون ديوان المحاسبة في الجريدة الرسمية بتاريخ 1 شباط (فبراير) العام 2022.
وأرجع حداد السبب الرئيس للمطالبة باستقلالية ديوان المحاسبة، باعتبارها جزءاً رئيسياً من تقييم المؤسسات الرقابية الدولية، حيث إن ديوان المحاسبة عضو في المنظمة العربية (الأربوساي)، والتي يمثل فيها رئيس ديوان المحاسبة في المجلس التنفيذي للمنظمة العربية المنبثقة عن الجامعة العربية وكذلك المنظمة الآسيوية، والمنظمة الدولية (الأنتوساي) المنبثقة عن الأمم المتحدة.
وأضاف أن استقلالية ديوان المحاسبة، واستقلالية رئيسه وحصانته، تعتبر أمورا رئيسة في تقييم ديوان المحاسبة، فيما أثر تأخر مناقشة تقارير ديوان المحاسبة السنوية على تقييم ديوان المحاسبة لدى الجهات المانحة والمقرضة كصندوق النقد الدولي.
ونوه بأن هذه القضية تم تجاوزها من خلال التعديل الدستوري الأخير، الذي نص على وجوب أن ينظر مجلس الأمة في تقرير ديوان المحاسبة – الذي يعد المخرج الرئيس الصادر عن الديوان – في السنة التي يقدم فيها، أو بحد أقصى السنة التي تليها، لينعكس بفاعلية ويكون له الأثر الرادع.
وبموجب القانون المعدل لقانون ديوان المحاسبة رقم 1 لسنة 2022 المنشور في الجريدة الرسمية رقم 5771 بتاريخ 1 شباط (فبراير) العام 2022، نصت المادة (2) على أن:
أ– ديوان المحاسبة جهاز رقابي مستقل يتمتع بشخصية اعتبارية، وباستقلال مالي وإداري، وله بهذه الصفة القيام بجميع التصرفات القانونية اللازمة لتحقيق أهدافه، بما في ذلك إبرام العقود وتملك الأموال المنقولة وغير المنقولة، وله حق التقاضي وينوب عنه في الإجراءات القضائية وكيل عام إدارة قضايا الدولة”.
“ب– للديوان موازنة سنوية مستقلة يعدها الرئيس وترسل لرئيس الوزراء لإدراجها في الموازنة العامة للدولة وفقا للأصول المتعبة. ج– يتمتع الديوان بالإعفاءات والتسهيلات التي تتمتع بها الوزارات والدوائر الحكومية.
د– على الرغم مما ورد في أي تشريع آخر، يمارس الديوان مهامه وأعماله وفقا لأحكام هذا القانون بحرية واستقلال دون تأثير أو تدخل أو طلب من أي جهة.
ه– لا يجوز تفتيش مقر الديوان إلا بحضور المدعي العام المختص ويعتبر باطلا أي إجراء مخالف لذلك”.
وعدل القانون المعدل لقانون ديوان المحاسبة 2022 المادة (3) من القانون الأصلي: “أولا، بإضافة عبارة (والمنح والمساعدات) بعد عبارة (والقروض) الواردة في الفقرة (أ) منها. ثانيا، بإضافة الفقرة (و) إليها بالنص التالي: و- تدقيق ومراقبة الأنظمة والعمليات المالية المحوسبة والإلكترونية لدى الجهات الخاضعة لرقابة الديوان”.
كما تنص المادة (4) على أنه: “تعدل المادة (5) من القانون الأصلي على النحو التالي: د– لا يوقف رئيس ديوان المحاسبة ولا يحاكم عن الجرائم الناشئة عن وظيفته ما لم يصدر قرار من مجلس النواب برفع الحصانة عنه، إلا في حالة التلبس بجريمة جنائية، وفي حال القبض عليه بهذه الصورة يجب إعلام مجلس النواب فورا”.
وأقرت المادة (5) تعديل المادة (7) من القانون الأصلي، والتي نصت على تولي الرئيس عدة مهام وصلاحيات وهي: وضع السياسة العامة للديوان، وإقرار الخطط والبرامج اللازمة لتنفيذها، والإشراف على سير أعمال الديوان بما فيها شؤونه الإدارية والمالية ومتابعة أعماله، والتعاون والتنسيق مع الجهات المحلية والإقليمية والدولية المماثلة لعمل الديوان، والموافقة والتوقيع على العقود ومذكرات التفاهم التي يبرمها الديوان، واقتراح مشروعات التشريعات الخاصة بعمل الديوان ورفعها لمجلس الوزراء.
ومن الصلاحيات أيضا: طلب تكليف أي موظف من أي دائرة أو مؤسسة للقيام أو المشاركة بأعمال محددة لدى الديوان بموافقة رئيس الوزراء، والاستعانة بمستشارين وخبراء واختصاصيين في الأمور التي تستدعي معرفتها خبرة فنية، وتصرف لهم المكافأة التي يحددها من موازنة الديوان المرصودة لهذه الغاية.

رئيس ديوان المحاسبة- الغد


كيف تقيم محتوى الصفحة؟